مصير غزة بيد مصر- بقلم: موشيه آرنس/ هأرتس

29.06.2011 11:11 AM

        قد تكون احدى النتائج الايجابية للمظاهرات الجماعية التي جرت في ميدان التحرير على حكومة مبارك تغيير سياسة الحكومة الجديدة لمصر نحو غزة. قرّب فتح المعبر الحدودي المصري للغزيين ودخول سلع من مصر الى غزة، القطاع الى مصر ويحرر اسرائيل من عدة التزامات كانت لها لسكان غزة حتى بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي قبل أكثر من خمس سنين. ينتقل بعض هذه المسؤولية الآن الى مصر ولا يبدو أنه ستكون حاجة لتكرار حادثة القافلة البحرية التركية قبل سنة. يجب أن يكون المصريون الآن هم المسؤولين عن ضمان وصول السلع الى سكان غزة.

        هذا ما يجب أن يكون. هذه عدالة شاعرية. إن قطاع غزة والمصير المؤلم لمليون ونصف مليون من الفلسطينيين حُشروا داخل الشريط الساحلي الصغير، أنتجته مصر، فهما النتيجة المباشرة لمحاولة القوات المصرية محو دولة اسرائيل الشابة في أيار 1948. كان الجيش المصري في طريقه الى تل ابيب لكن الجيش الاسرائيلي الصغير صده. في نهاية 1948 وجد المصريون أنفسهم محاصرين فقد كان أحد الألوية محاصرا في جيب الفلوجة أما باقي الجيش المصري الذي كان في المنطقة المسماة اليوم قطاع غزة فقُطع عن قواعده على أيدي قوات يغئال ألون التي دخلت سيناء.

        في التفاوض في وقف اطلاق النار بواسطة مندوب الامم المتحدة رالف بانش، رفض المندوب المصري طلب اسرائيل أن يسحب جيشه عائدا الى مصر وأصر على أن يبقى في غزة. بحسب الاتفاق الذي وقع عليه في رودوس في شباط 1949 بقيت السيطرة على غزة بيد مصر. اذا استثنينا أيام حرب السويس في 1956 وبضعة شهور بعد ذلك فان المصريين حكموا غزة حتى 1967. فلماذا لا تُعاد السيطرة على قطاع غزة لمصر؟ هذه مسؤولية ينبغي أن تتحملها. وهي التي ستقرر أتكون هذه التسوية دائمة أم لا.

        منذ سيطرت حماس على غزة واسرائيل تخشى وبحق ترسانة الصواريخ والاسلحة الاخرى التي جمعها محاربو ارهاب المنظمة لأن الحديث عن اسلحة ترمي الى مهاجمة مواطنيها. كان هذا سبب الحصار الذي فرضته اسرائيل على سواحل غزة. هل يمكن أن تُلقى هذه المهمة على المصريين؟ من المعقول فرض أن المصريين كاسرائيل لن يسعدهم أن يروا استيراد سلاح الى حماس في القطاع سواء تم ذلك في البر أو الأنفاق أو البحر. وما زال من غير الواضح هل سيستطيعون السيطرة الناجعة على تهريب السلاح الى غزة. وبرغم هذا يجب على اسرائيل ان تخاطر هذه المخاطرة كي تحرر نفسها من عبء استمرار "الاحتلال".

        اذا تبين أن مصر لا تنجح في السيطرة على اعمال التهريب فسيكون من الممكن تجديد رقابة اسرائيل. اذا أخذنا في الحسبان قرب القطاع ومساحته الصغيرة فسيكون من الممكن دائما العمل الناجع على القضاء على مستودعات السلاح. على كل حال ينبغي أن نُبين أن مصر منذ الآن مسؤولة عن منع تهريب السلاح وستُعد مسؤولة عن العمليات التي ستخرج من غزة ويتم تنفيذها بالاسلحة التي هُربت اليها.

        قد يكون لسيطرة مصر على القطاع عدة مزايا ذات شأن، عندما ستصبح غزة تحت سيطرة مصر فانه قد يمكن في المستقبل أن نرى في ضوء جديد نموذج "الدولتين" الذي يُرى اليوم الحل المقبول للمشكلة الفلسطينية. من شبه المؤكد أن مشاكل الفلسطينيين الذين يعيشون في يهودا والسامرة – واولئك الذين يعيشون في قطاع غزة وتفصلهم عن يهودا والسامرة مناطق تحت سيطرة اسرائيل السيادية – ستُرى على نحو مختلف مع مرور الوقت من قبل الجماعة الدولية والعالم العربي واسرائيل والفلسطينيين أنفسهم. وقد يربح الجميع من هذا التغيير.

تصميم وتطوير